سوريا وطن القاعدة الجديد- السيرة الذاتية لأبي مصعب الزرقاوي

0_41s.jpg
لندن، المملكة المتحدة. 20 ديسمبر 2021
صدر في لندن كتاب (سوريا وطن القاعدة الجديد –السيرة الذاتية لأبي مصعب الزرقاوي–) للصحفي والمخرج مدين ديرية. الكتاب هو الجزء الثاني من سلسلة "من داخل الحركات الجهادية" ، حيث يقدم فيه ديرية معلومات نادرة وحصرية عن الحركات الجهادية، والتي دأب على جمعها منذ عدة سنوات. صدر الكتاب باللغة العربية، ومن المقرر ترجمته قريباً للغة الإنجليزية.

اعتمد المؤلف على وثائق ومقابلات نادرة مدعومة بصور تظهر لأول مرة قام بها مع القادة والمقاتلين وأسرهم، وكذلك السكان العاديين الذين يعيشون تحت سيطرة الحركات الجهادية، حيث قام بزيارة أكثر من خمسة عشر دولة في العالم كان أهمها أفغانستان والصومال وليبيا وسوريا والعراق واليمن ومخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويكشف الكتاب ايضا معلومات مثيرة تظهر لأول مرة عن أبي مصعب الزرقاوي وقادة تنظيم القاعدة الأوائل مدعومة ايضا بوثائق وصور نادرة لهم، حيث يستفيض المؤلف في سرد حكاية ابي مصعب وتأسيسه لتنظيم القاعدة في سوريا ويلخص أبرز مجريات حياته، وكيف استطاع تحقيق ما سعى إليه بتأسيس نواة دولة اسلامية ومحاولته توسعتها، وقد نسج المؤلف قصة متكاملة حول شخصية أبي مصعب من خلال ما جمعه من شهادات ولقاءات نادرة مع زوجاته وأبنائه وأصدقائه المقربين وقادة من دائرته الضيقة.

لا يناقش الكتاب مفاهيم واستراتيجيات تنظيم القاعدة في سوريا فحسب، بل يعود إلى تاريخ تأسيسها في سوريا منذ التسعينيات من القرن الماضي ويتوسع فيها وينشر تفاصيل مهمة ونادرة لأهم عناصرها مدعومة بالوثائق والصور، ولعل أبرز ما يستعرضه في تلك التفاصيل هو الحديث لأول مرة عن واحد من أوائل الذين أعدوا السيارات المفخخة والانتحارية، بل كان له الدور الأبرز في العمليات الانتحارية في العراق، والذي يعد مدرب صناعة المتفجرات بداية من هيرات في أفغانستان وانتهاء بالفلوجة في العراق.

ويبرز الكتاب العلامات الخفية التي غابت عن الكثيرين في تلك الفترة وكيف ان النظام في سوريا ونظام صدام حسين في العراق قد غضوا البصر على الاقل عن تحركات الجهاديين وعناصر تنظيم القاعدة وكيف كانت تتم بيسر وسهولة بين الدولتين، وكيف استجابت إيران أيضا وساهمت مع النظامين في سوريا والعراق بسياسة غض البصر عن تحركات قيادات القاعدة وعناصرها بين الدول الثلاث في فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

ثم يستأنف المؤلف حديثه عن القاعدة في سوريا وكيف تبلورت بشكل جديد ومختلف تدريجيا بعد اندلاع أحداث الثورة في البلاد، بداية من تشكل تنظيم جبهة النصرة حيث التقى المؤلف بالكثير من قادتها ووثق لقاءاته بصور وفيديوهات، وكان له السبق في اول لقاء مع قادات جبهة النصرة، ثم استطرد سرد تفاصيله واستعرض لقاءاته مع بقية الحركات الجهادية المحلية والأجنبية حيث التقى قاداتهم وعناصرهم وأجرى حوارات طويلة معهم وثقها في صفحات كتابه، وانفرد بنشر حوارات مع عدد من المقاتلين الأجانب أيضا موثقة بالصور والفيديوهات.

ويستعرض المؤلف في هذا الجزء من الكتاب أهم المفارقات التي نتجت عن قيام الثورات العربية، ويسرد حكاية هذه الثورات من البداية وكيف كانت في بداياتها عبارة عن شوارع وميادين مليئة بالمتظاهرين السلميين الذين ارتفعت أصواتهم مطالبين بإسقاط الانظمة قبل أن ينقشع الغبار وتتحول هذه الثورات الى صراعات دامية وحروب أهلية داخلية وثورات مضادة.

ويرجع بنا المؤلف إلى حقبة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت وبروز ظاهرة الأفغان العرب الذين تم دعمهم من الولايات المتحدة الامريكية والغرب وحلفائهم في مفارقة واضحة أبرزها المؤلف بين سطوره، ووضع بين أيدي القراء هذه المادة الفريدة وترك لهم فكرة إبداء رأيهم في هذه المادة ووضع أوجه التشابه بين الجهاد الأفغاني والجهاد في سوريا زمن الحرب، وأن يضعوا بأنفسهم مكان كل عنصر من عناصر هذه المادة بداية من الغرب وحلفائه اولا ثم الروس والايرانيين ثانيا وثالثا هم الجهاديون ورابعا من هم خلف الكواليس ؟!

حيث تسرد لنا سطور الكتاب عن زمن جهاد العرب في أفغانستان، و كيف كانت قد تأسست الكثير من الجماعات وحركات المقاومة وجلها إسلامية بدعم كبير من الغرب والعالم الإسلامي، وكانت المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ومصر على رأس المساندين للجهاد الأفغاني سياسيا وإعلاميا وفي المال والعتاد، الى جانب دعم المنظمات الاجتماعية و المدنية والدينية والتعليمية والاغاثية إضافة للصحافة والاعلام للجهاد الأفغاني ضد السوفييت، وقد قامت المؤسسات الدينية بدور بارز - على رأسها الأزهر – بالتعبئة والتجييش، واعتلى الائمة منابر المساجد للحث على الجهاد واصدار الفتاوى التي تحرم اي علاقة مع السوفييت.

والمفارقة التي يبينها المؤلف انه وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي وخاصة في سوريا، كانت قد تأسست مؤسسات إعلامية سورية انتشرت في كل مكان دعمتها بقوة دولا غربية وعربية وساهم نجوم الإعلام العرب والمؤثرين الذين ينتمون إلى كبرى الفضائيات بدعم الصراع والتحريض من خلال المؤسسات التي يعملون فيها مكملين الدور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم إنشاء شبكة واسعة من المؤسسات الإعلامية العربية بميزانيات ضخمة بعد ثورات الربيع العربي، وانطلقت القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية في ظل التنافس بين قطر والسعودية والإمارات العربية على عقود صفقات القنوات والصحف الغربية البارزة كان أهمها سكاي نيوز عربية والاندبندنت عربية وهافينغتون بوست عربي، فضلا عن إطلاق الفضائيات والمواقع الإخبارية الجديدة كالعربي والعربي الجديد والغد والغد العربي ، بينما أسس الصحفي السابق في قناة الجزيرة غسان بن جدو قناة الميادين المؤيدة لإيران وسوريا . وبدأ الخطاب الديني المتشدد بالتصاعد واستخدام رجال الدين المساجد والمؤسسات الإعلامية لتمرير أفكارهم، وافتى العديد من العلماء بأن الجهاد في سوريا بات فرض عين على كل مسلم، ودفعت هذه الفتاوى آلاف الشباب المسلم للالتحاق بالجهاد في سوريا، وكان ذات السبب الذي دفع الشباب المسلم جماعات للقتال في أفغانستان ضد السوفييت .

على التوازي أيضا باهتمام الإعلام منقطع النظير بأحداث الثورة السورية شهدت العواصم العربية والغربية وتركيا والاردن نشاطا سياسيا مكثفا، واحتضنت الفنادق الكبرى المؤتمرات السرية والعلنية وعقدت الصفقات السياسية وحتى المالية وقدمت اسماء وبرامج ومشاريع لمرحلة ما بعد الأسد، علاوة على ذلك كله تشكلت شبكة واسعة ومعقدة من المنظمات الاغاثية والإنسانية والمدنية والسياسية والاجتماعية والنسوية والثقافية والدينية وحركات الشبيبة والطفولة أساسا لكيان بديل عن حكومة الأسد.

والتساؤل المحير أنه بعد كل تلك المعارك الدامية وحرب طاحنة طال أمدها في سوريا لايزال بقاء الأسد في السلطة مثار جدل على الرغم من قيام عدد من الدول العربية وتحديدا دول الخليج بإعادة فتح سفاراتها في دمشق لاستئناف العلاقة مع سوريا ، وهذا يعزز ابقاء حكم الرئيس بشار الأسد وينهي احتمالات خسارته للسلطة.

ويترك المؤلف لجمهور القراء المشاهدة ومعاينة الفصول بأنفسهم ثم الإجابة على عدة تساؤلات طرحها في كتابه كان اهمها: هل أعيدت الكرة وتم استغلال الجهاديين في زمن الحرب على الإرهاب- وهذه المرة في سوريا في خضم قتال عقائدي – ضد العدو الثاني للغرب والأنظمة العربية ( إيران وحزب الله اللبناني)؟! وهل ينتصر الأمريكان والغرب وحلفاؤهم العرب مرة أخرى في سوريا كما انتصروا بالحرب بالوكالة على السوفييت في أفغانستان؟! وهل تسمح هذه القوى بتسجيل أي نصر للروس والايرانيين وحلفائهم؟! وهل تسمح تركيا بإنشاء اي كيان كردي على حدودها؟!

ما مدى اقتناع الرأي العام بحقيقة صدق هذه الدول والحكومات بأنها فعلا تريد إسقاط الرئيس بشار الأسد ومساعدة جماهير الثورة السورية؟! أم أن ما قامت به هذه الدول والحكومات مجرد طوق نجاة لنظام الرئيس بشار الأسد بعد أن بدأت نار ثورة الجماهير العربية تصل للأنظمة التي تدعمها هذه الدول بقوة ؟!

من الذي أطال أمد الصراع ؟ ولماذا أمست سوريا حلبة منافسة ومواجهة بين القوى الكبرى والخصوم الخارجية ؟!

كل هذه الأسباب والمعطيات بحاجة إلى تفكيك ودراسة عميقة وفتح ورش نقاش، ام اننا بحاجة إلى الرجوع للأحداث التي حصلت في مرحلة سابقة وربطها بمقارنات تاريخية، وهل تمثل حقيقة ما نعيشه اليوم؟!

يبقى السؤال الأهم: ماهي أوجه التشابه والاختلاف بين ما حصل زمن الجهاد ضد الروس في أفغانستان ، وبين الصراع الدامي في سوريا؟! وهل الحرب الأهلية السورية هي تقليد للمثال الأفغاني في قتال الروس ؟!!

New book on Al-Qaeda released by Medyan Dairieh in London